تم الإستعانة بتفاسير الشيوخ سيد قطب و متولي الشعراوي في بعض المقالات

ظلك القرآن الكريم

باسل عايد
 

 أغسطس 19- 2014
الثلاثاء 23 شوال   1435  الموافق  

 أَلَمۡ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيۡفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوۡ شَآءَ لَجَعَلَهُ ۥ سَاكِنً۬ا ثُمَّ جَعَلۡنَا ٱلشَّمۡسَ عَلَيۡهِ دَلِيلاً۬ (٤٥) ثُمَّ قَبَضۡنَـٰهُ إِلَيۡنَا قَبۡضً۬ا يَسِيرً۬ا (٤٦)

والحق ـ تبارك وتعالى ـ يريد منا أن نلاحظ هذه الظاهرة، وأنْ نتأملها } أَلَمْ تَرَ إِلَىا رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ { [الفرقان: 45] أي: ساعة طلوع الشمس } وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً { [الفرقان: 45] لأن مشيئة الله تستطيع أن تخلق الشيء ونقيضه، فإنْ شاءَ مَدَّ الظل، وإنْ شاء أمسكه.

لأن الظل لا يسير بحركة ميكانيكية كالتي تراها في الساعة إنما يسير بقدرة الله.
أفادنا الظل في المسلات والمزاول، ومنها انتقل المسلمون إلى عمل الساعات، وأولها الساعة الدقيقة التي كانت تعمل بالماء، وقد أهدوْا شارلمان ملك فرنسا واحدة منها فقال: إن فيها شيطاناً، هكذا كان المسلمون الأوائل.

ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً { [الفرقان: 45] أي: أن الضوء هو الذي يدل على الظلِّ.
وقوله: { قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا } [الفرقان: 46] دليل على أن المسألة ليست ميكانيكاً، إنما هي بقيومية الله تعالى؛ لذلك فكأن الحق سبحانه يقول: يا عبادي ناموا مِلْءَ جفونكم، فربُّكم قيُّوم على مصالحكم لا ينام.

وأهل المعرفة يستنبطون من ظاهرة الظل أسراراً، فيروْنَ أن ظِلَّ الأشياء الشاهقة المتعالية يخضع لله تعالى، ويسجد على الأرض، رغم أنه متعالٍ شامخ، كما جاء في قوله سبحانه:{ وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ }[الرعد: 15].

أرأيت أن الله عز و جل اذا أراد أن لا يجعل للإنسان ظل لفعل ذلك ولكن شاء الله و جعل لنا ظل، وجعل هذا الظل لا يفارق الإنسان أبدا عندما يرى النور أو يصلط عليه النور، فيمكن أن أي خليل أو صديق أو زوجة أو ابن أو أخ أو ام أو اب أن يفارقك بل يمكن أن يفارقك عضو من أعضائك لكن الظل سيظل معك.

حتى عند موتك الروح سوف تفارقك لكن الظل سيبقى معك طالما هناك نور، فمن كان القرآن نوره وظله في الدنيا سوف يكون نوره و ظله في القبر و الآخرة، و سوف يقرأ و يصعد إلى الفردوس الأعلى إن شاء الله.

حقا كلام الله يجب أن يستظل يه كل إنسان في هذا العالم، أرأيت أحدا في هذا العالم بدون ظل فطوبة لمن كان ظله القرآن في الدنيا و الآخرة.

جاء في الآية 163 من سورة النساء: " وآتينا داود زبوراً". وجاء في الآية 55 من سورة الإسراء: " وآتينا داود زبورا ً
 الزبور: أنزله الله تعالى على نبيه داود حين بعث نبياً. و الزبور عبارة عن قصائد و أناشيد تتضمن التسبيح بالله و تمجيده و رجاءَه.

كان داود صلى الله عليه وسلم حسن الصوت جدا، وامتدحه ـ المصطفي صلي الله عليه وسلم ـ بقوله الشريف:أفضل الصيام صيام داود، كان يصوما يوما ويفطر يوما، وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء، وكان يشفي بصوته المهموم والمحموم.

جاء ذكر داود ـ عليه السلام ـ في القرآن الكريم ست عشر ( 16 ) مرة.
و يشهد القرآن في سورة ص بأن الجبال والطير كانت تسبح مع تسبيح داودـ عليه السلام،

(١٦) ٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُ ۥدَ ذَا ٱلۡأَيۡدِ‌ۖ إِنَّهُ ۥۤ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرۡنَا ٱلۡجِبَالَ مَعَهُ ۥ يُسَبِّحۡنَ بِٱلۡعَشِىِّ وَٱلۡإِشۡرَاقِ (١٨) وَٱلطَّيۡرَ مَحۡشُورَةً۬‌ۖ كُلٌّ۬ لَّهُ ۥۤ أَوَّابٌ۬ (١٩) وَشَدَدۡنَا مُلۡكَهُ ۥ وَءَاتَيۡنَـٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ (٢٠) ۞

فكان عليه السلام يحب التسبيح فآته الله الزبور ليتغنى بذكر الله، الحمد لله الذي آتانا القرآن لنتغنى بذكره في كل وقت و كل حين كلما تيسر لنا هذا.

أدنى المصلين بصلي صلاة الجمعة على الأقل وهو يوم عيد المسلمين الأسبوعي، وهنا تسمح له الفرصة بسماع جمال القرآن.

يبدأ الإستماع لأجمل شيئ في الوجود بأسم الله، الرحمن الرحيم الذي رحم عبده وأتى به إلى الصلاة لكي يسمع القرآن،

""" على أننا لابد أن نقف هنا عند الذين لا يبدأون أعمالهم بسم الله وإنما يريدون الجزاء المادي وحده.. إنسان غير مؤمن لا يبدأ عمله باسم الله.. وإنسان مؤمن يبدأ كل عمل وفي باله الله.. كلاهما يأخذ من الدنيا لأن الله رب للجميع.. له عطاء ربوبية لكل خلقه الذين استدعاهم للحياة.. ولكن الدنيا ليست هي الحياة الحقيقية للإنسان.


. بل الحياة الحقيقية هي الآخرة.. الذي في باله الدنيا وحدها يأخذ بقدر عطاء الربوبية.. بقدر عطاء الله في الدنيا.. والذي في باله الله يأخذ بقدر عطاء الله في الدنيا والآخرة.. ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى:{ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }[سبأ: 1] لأن المؤمن يحمد الله على نعمه في الدنيا.. ثم يحمده عندما ينجيه من النار والعذاب ويدخله الجنة في الآخرة.. فلله الحمد في الدنيا والآخرة.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

" كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله الرحمن الرحيم أقطع "

ومعنى أقطع أي مقطوع الذنب أو الذيل.. أي عمل ناقص فيه شيء ضائع.. لانك حين لا تبدأ العمل باسم الله قد يصادفك الغرور والطغيان بأنك أنت الذي سخرت ما في الكون ليخدمك وينفعل لك.. وحين لا تبدأ العمل باسم الله.. فليس لك عليه جزاء في الآخرة فتكون قد أخذت عطاءه في الدنيا.. وبترت أو قطعت عطاءه في الآخرة.. فإذا كنت تريد عطاء الدنيا والآخرة. فأقبل على كل عمل باسم الله.. قبل أن تأكل قل باسم الله لأنه هو الذي خلق لك هذا الطعام ورزقك به.. عندما تدخل الامتحان قل بسم الله فيعينك على النجاح.. عندما تدخل إلى بيتك قل باسم الله لأنه هو الذي يسر لك هذا البيت.. عندما تتزوج قل باسم الله لانه هو الذي خلق هذه الزوجة وأباحها لك.. في كل عمل تفعله ابدأه باسم الله.. لأنها تمنعك من أي عمل يغضب الله سبحانه وتعالى.. فأنت لا تستطيع أن تبدأ عملا يغضب الله باسم الله.. اذا أردت أن تسرق أو أن تشرب الخمر.. أو أن تفعل عملا يغضب الله.. وتذكرت بسم الله.. فإنك ستمتنع عنه.. ستستحي أن تبدأ عملا باسم الله يغضب الله.. وهكذا ستكون أعمالك كلها فيما أباحه الله."""

 يبدأ العبد في ترديد الصورة وراء الإمام، ويقول الحمد لله رب العالمين أنني أتيت و سمعت كلامك و آنست بسماع أسمك الجميل يا الله، ما أجمل لفظ الجلالة أن الإنسان يرى أو يسمع شيئ جميل فيقول الله.

سبحان الله اخواننا العرب الذين لا يدينون بالإسلام يقلون أيضا الله بل الإله عندهم هو الله ينقصهم التدبر والإسلام لله الحق.

ونعم الله لا تعد ولا تحصى ومع كل التقدم في الآلات الحاسبة والعقول الالكترونية وغير ذلك فإننا لم نجد أحدا يتقدم ويقول انا سأحصي نعم الله.. لأن موجبات الاحصاء ان تكون قادرا عليه.. فانت لا تقبل على عد شيء الا اذا كان في قدرتك ان تحصيه.. ولكن مادام ذلك خارج قدرتك وطاقاتك فانك لا تقبل عليه.. ولذلك لن يقبل احد حتى يوم القيامة على احصاء نعم الله تبارك وتعالى لان احدا لا يمكن ان يحصيها.

نعود إلى تكملة سماع الفاتحة في صلاة الجمعة، فيحمد الله رب العالمين على أنه أعطه نعمة الإسلام و السعي إلى المسجد و سماع القرآن، ثم يعترف بيوم القيامة و بأن الله سوف يحسابه في هذا اليوم، ويعترف بأنه سوف يعبد الله وحده ويستعين به في كل شبئ.

ثم يطلب من الله أن يهديه إلى الصراط المستقيم، صراط القرآن وتدبره و فهمه و العمل به و هذا ليكون من الذين انعم عليهم لا الذين غضب عليهم ونهاهم عن سماع القرآن و الإيمان به و عدم التصديق بأن محمد صلى الله عليه و سلم أوت هذا القرآن لكي يتسنى للناس التفرقة بين الحق و بين الجاهلية و التطور القرآني و أعلمنا أيضا ان الله وحده هو العالم و الحاكم و الملك يوم الحساب.

ثم يدعو بألا يكون من الضالين الذين يشركون الشيطان في أعمالهم و إعتقادتهم و أن لله الواحد الأحد ليس له شركاء.

أخي المسلم أو غير المسلم كم كتاب قرأت في حياتك كم فيلم شاهدت كم خبر سمعت أو رأيت؟؟؟؟.......

هل قرأت كتاب مالك الملك و تدبرته؟،هل سمعت خبر السماء؟، هل شاهدت قصص القرآن؟، انه كتاب واحد فقط لا غير لا يأتيه الباطل و ما فرط فيه من شيئ.
كم هو جميل انه كل شيئ لصالح البشرية و العالمين في كتاب واحد، تعدد المفسرون و المحللون ولكن الله هو العليم بكل سر من أسراره و هذه حكمة العزيز الجليل لكي يظل متجدادا حتى يوم الحساب،جماله و نوره يدخل القلب كالبرق و يملئه نور لمن يحب الله و ر سوله صلى الله عليه و سلم.

*****    تفصيل:

"""""" فالفاتحة أم الكتاب التي لا تصلح الصلاة بدونها، والله سبحانه وتعالى يقول في حديث قدسي: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل.. فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين.

 قال الله عز وجل حمدني عبدي. فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله عز وجل: أثنى علي عبدي، فإذا قال مالك يوم الدين،
 قال الله عز وجل مجدني عبدي.. فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين، قال الله عز وجل هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل..
 وإذا قال: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ الضَّآلِّينَ } قال الله عز وجل: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ".

وعلينا أن نتنبه ونحن نقرأ هذا الحديث القدسي ان الله تعالى يقول: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، ولم يقل قسمت الفاتحة بيني وبين عبدي، ففاتحة الكتاب هي أساس الصلاة، وهي أم الكتاب."""""""

جميع الحقوق محفوظة © للدعوة 2013